كيف تحافظ على صحتك النفسية في زمن الكورونا؟
إن تأثير جائحة كورونا كان له بعدٌ كبير على الصحة النفسية في جميع أنحاء العالم. منذ ظهور الفيروس، أصبح من الضروري أن نكون على دراية ليس فقط بالصحة الجسدية، بل أيضاً بالصحة النفسية التي تأثرت بشكل كبير بسبب التحديات اليومية التي فرضتها الجائحة. إن العزلة الاجتماعية، القلق المستمر بشأن الإصابة بالفيروس، والضغوط المرتبطة بالحياة اليومية في ظل ظروف غير مألوفة، هي عوامل يمكن أن تضر بصحة الإنسان النفسية. ومع ذلك، يمكن تبني عدة استراتيجيات للحفاظ على الصحة النفسية والتأقلم مع هذه الظروف الاستثنائية. في هذا المقال، سوف نستعرض أبرز الطرق والأساليب التي تساعد على الحفاظ على صحة نفسية قوية خلال هذه الأوقات العصيبة.
1. إدراك الوضع والقبول بالحقيقة
إن أول خطوة نحو الحفاظ على صحتك النفسية هي قبول الوضع الراهن. في البداية، قد يصعب على البعض تقبل حقيقة الجائحة والآثار التي تترتب عليها. لكن عندما نعترف بأن الحياة قد تغيرت وأن هذا التغيير ليس بيدنا، يبدأ الشعور بالسلام الداخلي في الظهور. القبول لا يعني الاستسلام، بل هو بداية تقبل الواقع والمضي قدمًا في محاولات للتكيف. فهم الوضع بشكل عقلاني سيمكنك من اتخاذ قرارات أفضل والحفاظ على توازنك النفسي.
2. تحديد الأولويات وتخفيف الضغوط
الجائحة جعلت العديد من الأشخاص يتعرضون للضغوط المتزايدة، سواء كان ذلك بسبب القلق المستمر من الإصابة بالفيروس أو بسبب العزلة الاجتماعية أو حتى من الناحية الاقتصادية. ومن أجل الحفاظ على صحة نفسية جيدة، يجب على المرء أن يتعلم كيفية تحديد الأولويات. يمكن أن يكون وضع قائمة بالأمور الأكثر أهمية والأكثر تأثيرًا على حياتك اليومية بمثابة خطوة إيجابية. لا تلقي بنفسك في دوامة من التفكير المفرط بشأن أشياء لا يمكنك تغييرها. بدلاً من ذلك، ركز على ما يمكنك التحكم فيه مثل: تحسين روتينك اليومي، أو الاهتمام بالعلاقات الشخصية، أو استثمار الوقت في التعلم أو النشاطات المفيدة.
3. التواصل الاجتماعي عبر وسائل التكنولوجيا
أدى التباعد الاجتماعي إلى أن العديد من الأشخاص يشعرون بالوحدة والعزلة، مما يفاقم من مشاكل الصحة النفسية. ولكن مع تطور التكنولوجيا، أصبح بإمكاننا البقاء على اتصال مع أحبائنا وأصدقائنا حتى وإن كنا بعيدين. استخدم وسائل التواصل الاجتماعي، المكالمات الهاتفية، والمحادثات عبر الفيديو للتواصل مع الآخرين. هذا النوع من التواصل لا يساعد فقط في الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، بل يعزز أيضًا الإحساس بالانتماء والأمان النفسي.
4. الحفاظ على نمط حياة صحي
إن الحفاظ على نمط حياة صحي من العناصر الأساسية للحفاظ على الصحة النفسية في زمن كورونا. تأكد من أنك تحظى بنظام غذائي متوازن يحتوي على العناصر الغذائية الضرورية للجسم والعقل. يمكن للطعام الصحي أن يكون له تأثير إيجابي على المزاج ومستويات الطاقة. علاوة على ذلك، ممارسة الرياضة بانتظام لها فوائد متعددة على الصحة النفسية، بما في ذلك تحسين المزاج وتخفيف التوتر والقلق. حاول القيام بأنشطة رياضية بسيطة مثل المشي أو اليوغا في المنزل إذا كانت الإجراءات الاحترازية تمنعك من الخروج.
5. تعلم تقنيات الاسترخاء وإدارة التوتر
من المعروف أن التوتر والقلق هما من أكثر المشاعر شيوعًا في هذه الأوقات الصعبة. لتخفيف آثار التوتر، يجب تعلم تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق. هذه التقنيات تساعد على تقليل مستويات التوتر بشكل كبير وتساعد العقل على الاسترخاء. إضافةً إلى ذلك، يمكنك ممارسة الأنشطة المهدئة الأخرى مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو قضاء وقت في الطبيعة إذا كان ذلك ممكنًا. الاهتمام بالصحة النفسية يتطلب تبني روتين يومي يشمل فترات للراحة وإعادة شحن الطاقة.
6. تحديد وقت لتصفية الذهن من الأخبار
من المعلوم أن متابعة الأخبار بشكل مستمر قد تؤدي إلى القلق والتوتر. في ظل الجائحة، أصبح الأشخاص يقضون ساعات طويلة في متابعة آخر تطورات الفيروس، مما يساهم في رفع مستويات القلق. من الأفضل تخصيص وقت محدد يوميًا لمتابعة الأخبار والتأكد من أنها تأتي من مصادر موثوقة. تجنب الاطلاع على الأخبار بشكل مستمر طوال اليوم لأن ذلك سيزيد من مشاعر القلق وسيؤثر سلبًا على صحتك النفسية. من المهم أن تدرك أن المعلومات المفرطة قد تكون ضارة، وبالتالي فإن تخصيص وقت معين لها سيساعد في تقليل تأثيرها.
7. وضع أهداف يومية قابلة للتحقيق
في ظل الظروف الحالية، قد يشعر البعض بالفوضى أو ضياع الوقت. لذا، من المهم أن تضع لنفسك أهدافًا يومية بسيطة وقابلة للتحقيق. قد تكون هذه الأهداف مرتبطة بالعمل أو بالأنشطة اليومية مثل تنظيم المكان أو ممارسة الرياضة أو حتى تعلم مهارة جديدة. إن إتمام هذه الأهداف سيمنحك شعورًا بالإنجاز ويساهم في تحسين حالتك النفسية. كما أن تحديد أهداف صغيرة يمكن أن يساعدك في تجاوز الأيام التي قد تشعر فيها بالإحباط أو فقدان الاتجاه.
8. تطوير مهارات التكيف مع التغيير
إن القدرة على التكيف مع التغيير تعتبر من المهارات الأساسية التي تساهم في الحفاظ على الصحة النفسية. على الرغم من أن الحياة قد تكون قد تغيرت بشكل كبير منذ بداية الجائحة، إلا أن تعلم كيفية التكيف مع التغيرات يمكن أن يكون عاملًا مهمًا في تحسين الصحة النفسية. هذه المهارات يمكن اكتسابها من خلال محاولة تغيير منظورك تجاه المواقف، والتفكير في الحلول بدلاً من التركيز على المشاكل. كما أن التفكير الإيجابي يمكن أن يعزز من قدرة الفرد على التكيف مع التحديات التي تطرأ في حياته.
9. التمسك بالأمل والبحث عن الجوانب الإيجابية
في الأوقات الصعبة، من السهل أن نغرق في التفكير السلبي. لكن من الضروري أن نتذكر أن كل أزمة تحمل في طياتها دروسًا وفرصًا للتطور الشخصي. حاول التركيز على الأشياء الإيجابية في حياتك، حتى وإن كانت بسيطة. يمكن أن تشمل هذه الأشياء عودة التواصل مع الأسرة، أو اكتشاف هوايات جديدة، أو قضاء وقت ممتع في المنزل. البحث عن الجوانب الإيجابية يعزز من مشاعر التفاؤل والأمل، مما يساهم في تعزيز الصحة النفسية.
10. طلب الدعم النفسي عند الحاجة
لا عيب في طلب الدعم عند الحاجة. في بعض الأحيان، قد تشعر بأنك لا تستطيع التعامل مع الضغوط النفسية بمفردك، وهذا أمر طبيعي في ظل ظروف الجائحة. إذا شعرت بأنك بحاجة إلى مساعدة، يمكن التواصل مع مختص في الصحة النفسية مثل الطبيب النفسي أو مستشار. العديد من الأطباء النفسيين يقدمون الآن استشارات عن بعد، مما يسهل الوصول إلى الدعم النفسي دون الحاجة للخروج من المنزل. لا تتردد في طلب المساعدة، لأن الاهتمام بصحتك النفسية أمر ضروري لتحسين جودة حياتك.
الختام
إن الحفاظ على الصحة النفسية في زمن كورونا يتطلب جهدًا واعيًا ومستمراً. من خلال تبني استراتيجيات مرنة وفعالة مثل تقنيات الاسترخاء، التواصل الاجتماعي، والحفاظ على نمط حياة صحي، يمكن للفرد أن يواجه تحديات هذه الفترة بطريقة إيجابية. لا يجب أن يكون الشعور بالضغط النفسي هو العامل المسيطر على حياتك؛ بل يمكنك اختيار كيفية التكيف مع الظروف الراهنة والبحث عن سبل لتطوير قوتك النفسية.
